يقول شيخ الإسلام : (وما روي أن ابن عوف يدخل الجنة حبواً، وهو كلام موضوع لا أصل له) وهذا الحديث يروجه غلاة الصوفية ، وهو قولهم: إن عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه يدخل الجنة حبواً، ولم يستطيعوا أن يقولوا: إنه لا يدخل الجنة؛ لأنه من العشرة المبشرين بالجنة، فقالوا: إنه يدخل الجنة، ولكن حبواً؛ لأنه كان من الأغنياء في الدنيا.
وهذا الحديث نقضه ابن الجوزي ، ورد عليه رداً شافياً ليس من ناحية السند فقط، بل من حيث المتن، وذلك في كتابه تلبيس إبليس ، فقد رد على الصوفية في نظرتهم إلى المال، وقولهم بهذا الحديث.
وكذلك شيخ الإسلام هنا، حتى إن أبا حامد الغزالي على ما فيه في التصوف؛ قد سار على القول الصحيح في هذه المسألة -يعني في الجملة- وهو ما دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: ( نعم المال الصالح للعبد الصالح )، فذكر في الإحياء أن المال يكون حسناً وخيراً إذا كان صاحبه ينفقه في سبيل الله، وعلى ذلك فهو خير له من الفقر.
فـالصوفية فقط هم المخالفون في هذا الأمر، ويعتمدون على هذا الحديث، وهو حديث لا أصل له، باطل موضوع.
وشيخ الإسلام لم يتعرض لموضوع السند: أن فيه مثلاً فلاناً الوضاع الكذاب، مع أن هذا يكفي لإبطال الحديث، فالسند يستطيع أن يقرأه كثير من الناس ويحكمون عليه، لكن هنا شيء آخر وهو: أن يكون لديك من الفقه والتأصيل ما تستطيع أن تعرف به هل هذا الحديث يتفق مع ما جاء في الشريعة أولا، ثم بعد ذلك تستطيع أن تحكم ولو مبدئياً.